الآلة فى العصر الكلاسيكى

الآلة فى العصر الكلاسيكى:
ظهر البيانو مع مطلع العصر الكلاسيكى ليحل محل الكلافيكورد والهاربسيكورد الذى انتهى استعمالهما فى القرن التاسع عشر، وجاء البيانو ليتغلب على كل سلبيات هذه الآلات، ومحققا لكل الصفات المميزة لكل منهما، فالبيانو يجمع بين الصوت الصافى والواضح كما فى الهاربسيكورد بالإضافة إلى الصوت المرن الرقيق كما فى الكلافيكورد، ويتميز البيانو بقدرته على تنويع الشدة بل والتدرج النسبى فيها.
وكان ظهور البيانو فى أوائل القرن الثامن عشر فى كل من إيطاليا وفرنسا وألمانيا. ويمكن القول بأن آلتى الهاربسيكورد والكلافيكورد قد تعرضتا لتطور كبير على مر العصور، حتى انتهى بهما المطاف إلى الآلة المثالية التى تلافت كل عيوبهما الصوتية واللمسية، ألآ وهى آلة البيانو فورتى Piano Forte ، أى الآلة التى تسمح بالعزف القوى واللين فى وقت واحد(10: 682)،(11: 794).
ومما يؤكد أن الحاجة كانت ملحة لظهور البيانو أن المؤلف الفرنسى العظيم" كوبران" Couperin
(1668 ـ 1733 ) قد تمنى وجود آلة ترفع وتخفض الصوت، مما يدل على أن آلتى الهاربسيكورد والكلافيكورد كانتا لاتسمحان بذلك(11: 800).
بدأ "سلبرمان" Silberman عام 1726 فى صناعة آلة البيانو التى تسمح بالقوة واللين معا، وعندما عرضها على "باخ" أعجب بها كثيرا لكنه انتقد الجهد الكبير الذى يتطلبه الضغط على المفتاح، مما جعل صانعى البيانو يواصلون إضافة التحسينات اللازمة على ميكانزم البيانو(3: 384)(6: 215).
هذا وتؤكد بعض المراجع على أن مؤلفى العصر الكلاسيكى قد ألفوا أيضا لآلتى الهاربسيكورد والكلافيكورد خاصة فى أعمالهم الأولى، فعلى سبيل المثال مؤلفات "موتسارت" Mozart (1756-1791) حتى كوخيل 205 كانت للكلافيكورد، ثم تحول بعد ذلك للبيانو فى معظم مؤلفاته التالية. كما ألف بيتهوفن Beethoven (1700- 1827) صوناتات للكلافير مثل الصوناتة مصنف 2، ومن


مصنف 2 حتى مصنف 27 كتب على معظمها عنوان للكلافيسان أو بيانو فورتى، أما مصنف 106 لبيتهوفن فكتب عليها هامركلافييرHammer clavier ، وجدير بالذكر أن بعض مؤلفات بيتهوفن كانت لبيانو مكون من خمسة أكتافات وكان عليه أن يؤلف فى هذا الحيز. وتطور البيانو ميكانيكيا شيئا فشيئا. وفى عام 1816 وصل لبيتهوفن بيانو من "برود وود" Broad Woad وهو أحد صانعى البيانو بلندن يحتوى على ستة اكتافات وكان يسهل استعمال مساحة البيانو كلها، وتميز بثقل أوتاره التى تتحمل قوة الضغط الذى يتطلبه عزف بيتهوفن(13: 510).
ويصدر الصوت من البيانو عند الضغط على المفتاح، إذ يتحرك الشاكوش الذى يطرق الوتر بدوره، ثم يعود الشاكوش مرة أخرى إلى مكانه قبل أن يترك الإصبع المفتاح، وذلك بواسطة تركيبة ميكانيكية. وينقسم الميكانزم فى البيانو إلى نوعين: الميكانزم الإنجليزى الذى يتطلب لمسا ثقيلا بعض الشيء، والميكانزم الفيناوى الذى يتطلب لمسا خفيفا لسهولة حركة المفتاح. وقد كان لكل من هذين النوعين من الميكانزم مدرسة خاصة به من حيث الصناعة والتأليف، وذلك لان كل نوع كان يصدر رنينا مختلفا عن الآخر، وبالتالى يتطلب كل منهما تكنيكا مختلفا عن الآخر(11: 806)،(6: 217).
أثر تطور الفكر الموسيقىعلى مؤلفات لوحات المفاتيح فى العصر الكلاسيكى:
1) احتلال الميلودية الجديدة مكان الخطوط الطويلة التى تميزت بها بوليفونية الباروك، وظهور الخط الغنائى فى الحركات البطيئة.
2) أصبحت الجمل الموسيقية أقصر طولا وأكثر انتظاما وبساطة.
3) الالتزام الشديد بالشكل البنائى والسيطرة على الانفعالات النفسية.
4) تغلب النسيج الهوموفونى على النسيج البوليفونى، وساعد ذلك على أن تكون القفلات والنهايات وكذلك التحويلات السلمية والانتقالات اللحنية الملونةغاية فى الوضوح، واستخدم باص البرت بكثرة فى المصاحبات.
5) تطور قالب الصوناتة التى شهدت أوج مجدها فى ذلك العصر.
6) بداية استخدام المصطلحات التعبيرية ومصطلحات السرعة ومدلولاتها وذلك مع ظهور أوركسترا مانهايم الشهير Mannheim فى ذلك العصر، والذى يرجع إليه الفضل فى إرساء الكثير من المصطلحات التعبيرية والتظليل والتلوين الموسيقى(2: 185)،(10: 626).

التعبير المصاحب لتطور الآلة فى العصر الكلاسيكى:
من خلال عرض تطور الآلة فى العصر الكلاسيكى وجدنا أن البيانو قد أصبح فى إمكانه العزف القوى الواضح وفى نفس الوقت العزف الرقيق الهادئ، بل والتدرج بينهما، ومع تطور


ميكانزم الآلة والذى سمح بالعزف السريع البراق، ومع تعمق الميلودية الجديدة أصبحت الحاجة ملحة إلى تقنين مصطلحات تعبيرية تضفى على الموسيقى رونقا آخر.
بدأت الظلال التعبيرية والتلوين الموسيقى مع بداية ظهور أوركسترا مانهايم، فعلى يد "يوهان شتاميتز" Y. Stamitz ( 1717ـ 1757) وهو من مدرسة مانهايم الشهيرة بألمانيا تم تطوير فن الأداء الأوركسترالى بالشكل الذى لا يزال مستخدما حتى الآن، فقد ابتكر شتاميتز مصطلحات التظليل والتلوين الموسيقى مثل العزف القوى ( F ) والعزف اللين ( P ) والتدرج فى الشدة Crescendo
والتدرج فى اللين Diminuendo والترعيد Tremolo ، ومصطلحات السرعة المختلفة والتدرج فى السرعة Accelerando ، واهتم أيضا بقوة وتشديد النبر Accent ( ) ويقابلها المصطلح Marcato والاشارة ( ) التى تعنى أداء النغمة بقوة يعقبها مباشرة تناقص تدريجى، وكل هذه المصطلحات وغيرها والتى استحدثت من قبل "شتاميتز" عبر أوركسترا مانهايم أضفت على الأداء الموسيقى شكلا آخر، وفتحت المجال أمام المؤلفين لأن يضعوا هذه التلوينات فى الحسبان عند تأليفهم لأعمالهم
(7: 303)،(10: 626)،(2: 182)،(1: 230).
وقد قال "شوبرت" F. Schubert (1797ـ1828) واصفا عزف أوركسترا مانهايم: إن العزف القوى فى آداء هذه الأوركسترا كالرعد، والكريشندو كالشلال، والديمنويندو كخرير الغدير البلورى، والعزف اللين كالنسمة الناعمة تبشر بقدوم الربيع. وكانت هذه المؤثرات غريبة على عصر الباروك ولم يكن لها أهمية تذكر فى فن باخ لصعوبة تحقيقها على الآلة فى الباروك(2: 181)،(1: 230). ولكن هذه الاستحداثات من التلوينات الموسيقية الأوركسترالية الرائعة انتقلت بكاملها لآلة البيانو التى أصبحت تسمح بتحقيقها عليها، ووجد مؤلفو الكلاسيك فى هذه التلوينات المبتكرة ما يشبع الحاجة الملحة لديهم، حيث وصلوا بآلة البيانو إلى أن تكون الآلة المثالية التى تحقق الاكتفاء الذاتى فى العزف، وقد قيل عن آلة البيانو أنها تعد بمثابة أوركسترا كاملة.

ما يطلب من الدارس فى عزف مؤلفات العصر الكلاسيكى:
على عكس مؤلفات الباروك والتى كان يخشى من عزفها بالتلوينات الديناميكية الحديثة خوفا من تغير طابعها وطابع آلتها، نجد أن مؤلفات العصر الكلاسيكى تسمح بإضافة التعبيرات والظلال المتباينة حتى وإن اختلفت الطبعات فيما بينها فى تحديد أماكن التعبير والتظليل.
وجدير بالذكر أن بعض مؤلفى العصر الكلاسيكى أيضا تجاهلوا وضع وكتابة بعض النواحى التعبيرية على بعض مدوناتهم، والبعض الآخر قد وضع عليها مدلولات للتعبير، وكانت حجتهم فى ذلك أن يتركوا المجال للعازف كى يعبر هو الآخرعما بداخله.والنموذج التالى يوضح ذلك:

نموذج للصوناتة كوخيل 310 للمؤلف "موتسارت" وهى بخط يده وألفت عام 1778:

ويلاحظ أن "موتسارت" استخدم فى أولها مصطلح السرعة Allegro Maestoso ويعنى أن يكون العزف سريع باعتدال وعظمة وفخامة، كما استخدم اختصارات التدوين، واستخدم مصطلح Calando ويعنى تناقص الرنين، ويستخدم هذا المصطلح عند المرور من جملة موسيقية عنيفة الى جملة عاطفية تدريجيا، وهذا ما كان يميز موسيقى "موتسارت" .
وفيما يلى جزء من نفس الصوناتة بإحدى الطبعات الأخرى:


ويلاحظ أن هذه الطبعة التزمت بما كتبه "موتسارت" بخط يده من مصطلحات، كما التزمت بتدوين اللمس المتقطع المطلوب، ولكن الناشر قد أضاف سرعة المترينوم وعلامات العزف القوى ( ) واللين ( ) والتدرج ، أما سرعة الميترينوم الموضوعة من قبل الناشر فهى افتراضية، حيث لم يُخترع الميترينومMertonome سوى عام 1814 على يد "ملتسيل"Maelzel (10: 222)، ولا بأس من الالتزام بها، كما يمكن تحقيق كل ما ورد من علامات التظليل، فهى مضافة من قبل متخصصين فى أسلوب عزف "موتسارت"، كما أن حجتنا فى ذلك هى أن الآلة تسمح بذلك، وهذه الإضافات لم تغير من طابع العصر أو الآلة فهذه المؤلفات خاصة بآلة البيانو وليس لآلة أخرى.
ومن الأهمية بمكان مراعاة سرعة المؤلفة حيث أن السرعة تعتبر أحد عناصر التعبير الهامة فى ذلك العصر، وعندما لا يحدد المؤلف سرعة مؤلفاته تبرز المشكلة أمام الدارس، وعلى الدارس
فى هذه الحالة أن يحدد السرعة بنفسه واضعا فى اعتباره نوعية النسيج وحركة المؤلفة، فمثلا المؤلفة التى تشتمل على أشكال إيقاعية قصيرة أو حليات مركبة أو التى يتغير فيها الهارمونى كثيرا، مثل هذه المؤلفة تتطلب سرعة بطيئة نسبيا والعكس صحيح، وبعد ذلك يستطيع الدارس أن يُظهر تعبيره من خلال السرعة(8: 44).
ومن المصطلحات الكلاسيكية التى تؤكد هذا الارتباط الوثيق بين اصطلاحات السرعة والتعبير الموسيقى المصطلح grave ويعنى العزف بثقل وليس بطيئا فقط ، والمصطلح largo ويعنى العزف العريض وليس البطيء فقط ، adagio ويعنى هادئا وليس بطيئا فقط،agitato appassiona ويعنى التدفق العاطفى فى العزف ، allegro ويعنى العزف المرح وليس السريع فقط ، vivace ويعنى العزف الحيوى وليس السريع جدا فقط ، congrozio ويعنى الأداء برشاقة…….الخ(11: 337)،(4: 4).
وقد عُرف عن بيتهوفن حرصه الزائد فى تحديد وكتابة سرعات مؤلفاته والإحساس المطلوب لأدائها، وقام بنفسه بكتابة بعض التلوينات والظلال على بعض من مؤلفاته، ويذكر أنه فقد جزءا من مؤلفاته، وعندما أراد أن يعزفها ثانية استبدلها بسرعات وتعبيرات مختلفة، ولما عثر علي الأصل ثانية اكتشف أن هناك تغييرا فى السرعات والتلوينات فتأثر غاضبا(10: 675).

شكرا يا أحمد .............الله يخليلك أم العيال يارب.....................

موووضوووع طيب


لكن أتمنى أن يكون ملخص ..


وتشكر ع الجهووود...